{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا} أي: كأن لم يقيموا ولم يكونوا {فِيهَا أَلا بُعْدًا} هلاكا، {لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ} هلكت {ثَمُودُ}.قوله عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} حجة بينة.{إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} بسديد.{يَقْدُمُ قَوْمَهُ} يتقدمهم، {يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ} فأدخلهم {النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} أي: بئس المدخل والمدخول فيه.{وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ} أي: في هذه الدنيا، {لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} أي: العون المعان. وقيل: العطاء المعطى، وذلك أنهم ترادفت عليهم اللعنتان، لعنة في الدنيا ولعنة في الآخرة.{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ} عامر، {وَحَصِيدٌ} خراب. وقيل: منها قائم بقيت الحيطان وسقطت السقوف. وحصيد أي: انمحى أثره. وقال مقاتل: قائم يُرى له أثر وحصيد لا يُرى له أثر، وحصيد بمعنى محصود.{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ} بالعذاب والهلاك، {وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} بالكفر والمعصية. {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} عذاب ربك، {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} أي: غير تخسير، وقيل: تدمير.{وَكَذَلِك} وهكذا، {أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنبأنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن اسماعيل، حدثنا صدقة بن الفضل، أنبأنا أبو معاوية، أنبأنا يزيد بن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته»، قال: ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} الآية.قوله عز وجل: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} لعبرة، {لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ} يعني يوم القيامة، {وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} أي: يشهده أهل السماء والأرض.{وَمَا نُؤَخِّرُه} أي: وما نؤخر ذلك اليوم، فلا نقيم عليكم القيامة وقرأ يعقوب، وما يؤخره بالياء {إِلا لأجَلٍ مَعْدُودٍ} معلوم عند الله.{يَوْمَ يَأْتِ} قرئ بإثبات الياء وحذفها، {لا تَكَلَّمُ} أي: لا تتكلم {نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} أي: فمنهم من سبقت له الشقاوة ومنهم مَنْ سبقت له السعادة.أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري، أنبأنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزار، أنبأنا أبو بكر محمد بن زكريا العُذَافِريّ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدَّبَرِيُّ، أنبأنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن منصور، عن سعيد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: خرجنا على جنازة فبينا نحن بالبقيع إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده مِخْصرة، فجاء فجلس، ثم نكت بها الأرض ساعة، ثم قال: «ما من نفس منفوسة إلا قد كُتِبَ مكانها من الجنة أو النار، إلا وقد كُتِبت شقية أو سعيدة»، قال: فقال رجل: أفلا نتكل على كتابنا يا رسول الله وندع العمل؟ قال: «لا ولكن اعملوا فكل مُيَسَّر لما خُلِقَ له، أما أهل الشقاء فييسّرون لعمل أهل الشقاء، وأما أهل السعادة فييسَّرون لعمل أهل السعادة»، قال: ثم تلا {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل- 10].